نشأته:
وُلد الشهيد المجاهد سمير محمد حامد فودة -22 عاماً- في مخيم جباليا، مخيم الشهداء، وتربى في أسرة فلسطينية متدينة وملتزمة بشرع الله وسنة نبيّه، وتلقّى منها التربية الإسلامية الحسنة.
عاش في أسرة هُجّرت من موطنها الأصلي -زرنوقة- مثله مثل آلاف الأسر الفلسطينية التي تركت أملاكها وهاجرت، بفعل الإرهاب الصهيوني وعصاباته النازية المجرمة، وعاش حياته وطفولته بين أزقة وشوارع مخيم جباليا، حياة اللاجئ المهجّر.
كبر سمير وكبر معه حلمه وأمله بتطهير أرضه من الغاصبين، وامتلأ قلبه حقداً على بني صهيون وأتباعهم، لما ارتكبوه من مجازر ضد أبناء شعبه الأعزل.
تعليمه:
تلقّى مسيرته التعليمية في مدارس مخيم جباليا، التابعة لوكالة الغوث الدولية المشرفة على مخيمات اللاجئين، فدرس المرحلة الابتدائية في مدرسة أبو حسين الابتدائية، والإعدادية في مدرسة ذكور جباليا الإعدادية القريبة من سوق المخيم المركزي، وبعدها انتقل إلى مدرسة أبي عبيدة ليكمل تعليمه الثانوي فيها، وعُرف عنه طالباً مجتهداً ونشيطاً في دراسته، ومتابعة دروسه، وفي أثناء دراسته الثانوية التحق الشهيد بصفوف الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي، فكان مثالاً للشاب المسلم المتحمّس، وشارك إخوانه في جميع الأنشطة التي تقوم بها الكتلة داخل المدرسة.
صفاته:
كان شهيدنا رحمه الله باراً بوالديه، وحنوناً عليهما، ومحباً لإخوته، وكان شديد الحرص على صلاة الجماعة في مسجد الشهداء القريب من منزله، وخاصة صلاة الفجر، فقد كان يستيقظ قبل صلاة الفجر، ويوقظ إخوانه للصلاة، من خلال الإتصال بهم عبر جهازه الخلوي-الجوال- أو يذهب إلى بيوتهم ويوقظهم، فهو محبوب لجميع من عرفه، لطيبة قلبه ونبل أخلاقه، وكان كثيراً ما يمازح إخوانه لإدخال البهجة والسرور على قلوبهم، وتعلّق به الصغار قبل الكبار، وتشهد له جدران وأرضية مسجد الشهداء بعطائه ونشاطه الدعوي، فكان يجلس مع الصغار ويعلّمهم قراءة القرآن وتلاوته، ويحثّهم على حفظه، ويلقي عليهم الدروس والقصص والعبر، ومع مرور الزمن أصبح سمير مسؤولاً للجنة الرياضية داخل المسجد، وإمتاز بحبه للرياضة، فكان خفيف الحركة، رشيق الجسم، وشارك في العديد من مسابقات الجري التي كانت تنظّمها الجمعيات الإسلامية والمساجد في المنطقة الشمالية، وكان ترتيبه الأول في السباق.
شارك شهيدنا إخوانه المجاهدين في المسيرات التي تخرج في مخيم جباليا، وفي تشييع إخوانه الشهداء من أبناء المخيم، وفي أنشطة المهرجانات والإحتفالات.
إمتاز شهيدنا بروحٍ إيمانية وروحانية متصلة بربها، فإلى جانب التزامه بصلاة الجماعة، التزم أيضاً بصيام يومي الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام في كلّ شهر هجري، وكان يحرص على صلاة قيام الليل.
جهاده:
انضم سمير إلى إخوانه المجاهدين عام 2002م ليكون معهم جندياً مجاهداً في سبيل الله، وكان يخرج معهم لصدّ إجتياح العدو لمعسكر جباليا، والمرابطة على مشارف مخيم جباليا، والمناطق الحدودية في بيت لاهيا وبيت حانون، فكان جندياً من جنود الحق والقوة والحرية.
وذات يوم خرج سمير مع أخيه ورفيق دربه في الجهاد الشهيد سيد عبد الجواد محيسن، للقيام بعملية إستشهادية، وبعد توجّههما إلى مكان العملية لم يرِد الله سبحانه وتعالى له الشهادة، وعاد هو وإخوانه المجاهدون سالمين تحفّهم رعاية الله وسلامته، أما الشهيد سيد عبد الجواد محيسن فقد خرج للقيام بعملية إستشهادية ثانية مع الشهيد إياد المصري من بيت لاهيا، صباح يوم الأربعاء 25-6-2003م في معبر بيت حانون، ونالا الشهادة بعد عملية بطولية ضد أحد المواقع العسكرية المقامة على معبر بيت حانون، وأوقعوا في صفوف العدو الصهيوني عدداً من القتلى والجرحى.
قصة استشهاده:
في صباح يوم الجمعة الموافق 24-10-2003م توجّه المجاهدان سمير وأحد فرسان سرايا القدس إلى أحد المواقع العسكرية المقامة داخل مغتصبة نتساريم المقامة على أرضنا الغالية شرق مدينة غزة، والمكلّف بحماية وحراسة المغتصبة، وتجلّت قدرة الله عز وجلّ أن ساد المكان لحظة العملية الضباب الكثيف الذي حجب الرؤية أمام الجنود المكلفين بحراسة المغتصبة، فزحف سمير وأخوه المجاهد وإقتربوا من سلك المغتصبة، وقطعوا السلك وتسلّلوا إلى داخل المغتصبة، بعد أن زحفوا مسافة نصف كيلومتر تقريباً.
وبعد أن ساروا على مقربة من الثكنة العسكرية، قاموا بقذف الثكنة بعشرات القنابل اليدوية، وأطلقوا النار على الجنود المتمركزين داخل الموقع، وبعد أن تمكنوا من إنهاء العملية، أخذ المجاهدان بالإنسحاب من المغتصبة، فتمكّن مجاهد سرايا القدس من الإنسحاب، وقام سمير بتغطية إنسحابه، ولكن الله لم يكتب لسمير الإنسحاب، فقد حلّقت طائرات الأباتشي الأميركية في سماء المغتصبة، وإنتشر الجنود حول الموقع، فإشتبك سمير معهم، بشجاعة نادرة ثم إرتقى شهيداً في سبيل الله، وأفادت مصادر صهيونية أن العملية أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة خمسة آخرين بجروح.
عرس الشهادة:
وما إن عُرِف الشهيد أنه من معسكر جباليا، وعُرِف إسمه حتى صدحت مكبرات الصوت تنعى الشهيد سمير فودة، وبدأت الوفود تتوافد لتقديم التهاني لعائلة الشهيد، وبعد العصر وصل جثمان الشهيد إلى مستشفى الشفاء بغزة، فحمل المشيّعون الشهيد وساروا به في شوارع المخيم حتى وصلوا إلى مقبرة بيت لاهيا، حيث ووري جسده الطاهر الثرى، بعد أن أدّوا صلاة الجنازة عليه بعد صلاة الظهر من يوم السبت.
إلى جنات الخُلد، أيها الشهداء الأبطال الميامين، يا من بذلتم أرواحكم رخيصة في سبيل الله والوطن الغالي.
المصدر: مجلة الفاتح.